– تواصل بقايا فريق الرابع عشر من آذار حال الإنكار تجاه الفشل الذريع لمشروع كانت جزءاً منه وربطت مصيرها السياسي به استهدف سورية ورئيسها وجيشها خلال السنوات الماضية وتستظلّ بأكذوبة النأي بالنفس التي كانت الغطاء للتورّط بمشروع تخريب سورية. والنقاش لا يستقيم مع المواقف التي تخرج من بقايا هذا الفريق بالتطاول على سورية ورفض العلاقة الحكومية معها، من دون وضع النأي بالنفس جانباً ومناقشة جوهر المواقف، حيث لا يمكن إنكار أنّ البداية كانت قبل أن تبدأ الأزمة في سورية والحرب فيها وعليها، مع خطاب الرئيس سعد الحريري وهو يخلع سترته قبل أن يكون هناك ما يسمّيه ثورة أو قمعاً وثواراً أو تدخلاً لحزب الله، وبعدها بأسابيع تعهّده بألا يعود إلى لبنان إلا عن طريق مطار دمشق، وصولاً لما بعد سنوات عندما بدأت السعودية حربها على اليمن بإعلانه التمني والدعوة لعاصفة حزم لسورية، فلا يستطيع هذا الجمع الذي سمّى إرهابيّي النصرة وداعش بالثوار، أن يلتحف اليوم بأكذوبة الحفاضات وحليب الأطفال والنأي بالنفس، وقد كان شريكاً كاملاً في الحرب وحلفها، وقد هزم مشروعها.
– هذا الفريق خسر الحرب ويرفض التسليم بالخسارة ويخسر معها فرصة التموضع في مكان يتيح له التملص من فاتورة المهزومين، فلا حاجة لمساجلته بأهمية العلاقة بسورية، وضرورتها الوطنية وليتحمّل هو من موقع مسؤوليات قادته في الدولة تبعات تخلّفه عن ممارسة المسؤولية، ولنبدأ بالمعادلات واحدة واحدة، في المعادلة العسكرية وتحرير جرود القاع مشكلتهم مع الجيش اللبناني وليست معنا، فلننسحب من الجدل حول التنسيق العسكري. فالجيش يعلم ما يحتاج وسيضعه على جدول الأعمال وعليهم أن يجيبوه من دون أن يتطوّع أحد منا لإيجاد المخارج المخففة للإحراج، وفي الشأن الاقتصادي يريدون الكهرباء ودفع بدل الاستجرار فليفعلوا ذلك وفق الأصول ولا يتطوعنّ أحد منا لتهوين الأمور كي لا يقع رئيس حكومة او نائبه في الإحراج، وسيكون سهلاً تعداد عشرات القضايا التي تنسّقها وزارات يقف على رأسها وزراء من هذا الفريق ولا حاجة لتسهيل مرورها تحت الطاولة مع كلام كبير فوقها، تحت شعار تخفيف الإحراج.
– لتسِر الأمور كما يُفترض أن تسير، وليقف فريق حلفاء سورية جانباً، وليكن النأي بالنفس فعلاً عن المشاكل الناتجة عن سياسة الإنكار والعنجهية، ولن يحدث ما يستحق الجدل، ولا رفع الصوت وستسير الأمور بشكل طبيعي، وننأى بالبلد عن جدال عقيم، وسورية لا تحتاج هذه العلاقة، بل يربكها إذا وافق رئيس الحكومة غداً على زيارتها، وقد قال ما قال وفعل ما فعل، فلماذا فتح أبواب لا نعرف إذا كانت نهاياتها مفتوحة أصلاً، وطالما يقول بعضهم إنّ الحكومة السورية غير موجودة، يقول سواه لا مصلحة لحكومته بالتورّط بعلاقة مع الحكومة السورية، ويقول ثالث إنّ النازحين يمكن ترتيب عودتهم عبر الأمم المتحدة، فليسلكوا طرقهم، ويسعوا مسعاهم، والأيام بيننا.
– الحرب انتهت عملياً، والبحث يدور في المخارج. وها هو رئيس مفاوضي ثورة الرابع عشر من آذار السورية يتقاعد ويخرج من العمل السياسي، وقد يتبعه لبنانيون يعيشون مثله الذهول من التحوّلات الدولية، والميدان يعيش إرهاصات النهاية للحرب، وعسكريّو ثورة تيار المستقبل والقوات اللبنانية صاروا دواعش أو نصرة، أو يبحثون عن موقع في قوات الدفاع الوطني تحت لواء الجيش السوري، ويبدو أنّ فريق الرابع عشر من آذار اللبناني يريد أن ينتظر حتى تفتح السفارة الفرنسية وبعدها الأميركية في دمشق وتتولى الوساطة لهم لزيارتها، وسيبقون حتى ذلك التاريخ يقولون لا مبرّر للزيارات، فدعوهم ينتظرون، موافقة سورية على الوساطة، قد تكون مستحيلة للبعض، وصعبة للبعض الآخر، فلينتظروا ما شاؤوا، والأيام مقبلة.
– لكنْ، تذكّروا بعد انتخابات صيف 2018 سيكون من مواصفات الحكومة الجديدة ورئيسها القدرة على إقامة علاقات لبنانية سورية مميّزة، كما ورد في اتفاق الطائف الذي تحبّونه نصاً وروحاً، وفي الدستور الذي تتحدّثون عنه صبحاً ومساءً.